كتب : دكتور نفر فى الوقت الذى تحارب فيه الدولة الإرهاب وتكرس مجهوداتها من أجل تدعيم القيم الإنسانية ومحاربة الجهل والتخلف، وفى الوقت الذى يدعى فيه المسئولون أنهم يجتهدون من أجل تحديث المنظومة الإلكترونية لمؤسساتهما، وفى الوقت الذى يتجه العالم إلى الإنترنت كوسيلة من وسائل الترويج والتعليم والترفيه، ماذا لو فكرت فى أن تنال حصتك من هذا التثقيف من خلال المواقع الإليكترونية الحكومية لأهم 10 متاحف مصرية؟ للأسف لن تأتى النتيجة بما تشتهى الأنفس، فقد قام “اليوم السابع” بجولة عبر أهم 10 مواقع إلكترونية للمتاحف المصرية لمعرفة كيف يتم تقديم الخدمات الثقافية لمرتادى هذه المواقع، وللأسف أيضا كانت النتيجة “كارثية” بكل المقاييس ابتداء من الشكل البدائى للمواقع ومرورًا بمواقع لا تحتوى على أية مواد ثقافية، وليس إنتهاء بوجود مواقع خارج نطاق الخدمة تماما، وهذه حصيلة الجولة. يعد متحف الفن المصرى الحديث الموجود داخل حرم دار الأوبرا المصرية بأرض الجزيرة فى الزمالك، من أهم وأبرز المتاحف فى مصر، إذ يحتوى على أكثر من 12 ألف قطعة فنية متنوعة بين النحت والرسم ومقتنيات وزارة المعارف، مما تقتنيه من صالون القاهرة السنوى الذى تنظمه جمعية محبى الفنون الجميلة، ولكنك سوف تندهش حين تدخل إلى الموقع الرسمى الخاص بالمتحف، لأنك لن ترى شيئاً من كل هذا، إذا يضم الموقع فقط 4 أيقونات رئيسية وهى “الصفحة الرئيسية” و”عن المتحف” و”المعرض المتحفى” و”الزيارة”. وتحتوى كل واحدة منهم على معلومات ضئيلة للغاية لا تليق بتاريخ المتحف الفن المصرى الحديث العظيم الذى لا يعد ولا يحصى، على غير الموقع الرسمى لمتحف “ريكز، Rijks” أحد المتاحف الفنية الرائعة الذى يقع فى مدينة أمستردام فى هولندا، فإذا قمت بجولة بسيطة إلى موقع المتحف، سوف تجد كل ما يسرك ويهنيك، فموقع المتحف مزود بكل التفاصيل التى ربما يحتاج إليها أى زائر يتطلع إلى زيارة المتحف، سواء كانت زيارة فردية أو زيارة عائلية أو من خلال رحلة مدرسية أو جامعية منظمة. فالموقع يوفر لك إمكانية أن تنظم رحلتك إلى المتحف من خلال ما يُسمى “plan your visit”، والذى يوفر مواعيد وساعات عمل المتحف، بالإضافة إلى سعر التذاكر والتى تختلف بالطبع على حسب الفئة العمرية الزائرة،كما يوفر الموقع بعض المعلومات الخدمية “التسهيلات Facilites” والتى تهم كل الشرائح من بينهم ذوى الاحتياجات الخاصة، مثل إمكانية توفير كراسٍ متحركة للمعاقين أو للذين يعانون من ضعف أو إصابات فى الجهاز الحركى، مع إمكانية اصطحاب شخص “رفيق” يُسمح له بالدخول المجانى مع “المعاق”. كما يندرج تحت قائمة الـ”التسهيلات Facilites” إخبار القارئ بوجود مكتبة علمية داخل المتحف يسمح بالدخول إليها من الساعة الـ10 صباحاً وحتى الخامسة مساء عدا يومى الأحد والعطلات الرسمية، لراغبى إجراء الأبحاث الدراسية والعلمية، بالإضافة إلى إمكانية الحجز المسبق فى مطعم المتحف قبل الذهاب بيوم أو إثنين. إذا حاولت البحث فى موقع متحف بيت الأمة، لن تجد سوى بعض المعلومات “الرقيقة” المتوافرة لدى أى محرك بحث تقليدى. فالمعلومات المتوفرة فى الموقع لن تجدى ولن تفيد شيئًا، ولن تضيف لك الكثير، خاصة إذا كنت باحث فى مجال الآثار وتريد أن تصقل نفسك بمزيد من المعلومات الإضافية التى يفترض أن تكون حصرية للموقع الرسمى للمتحف فقط. إذا كنت تطمع أن تعرف قصة كفاح البطل مصطفى كامل ضد الحتلال الإنجليزى وترى ملابسه الشخصية والمكتب الخاص به واللوحات الزيتية التى تصور أحداث دنشواى الشهيرة، فالأسف لن يمكنك ذلك، خاصة أن رابط الموقع معطل ولا يعمل، ولا عزاء لصاحب المقولة الشهيرة “لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكن مصرياً” ستجد متحف أحمد شوقى مثل باقى إخوته، والذى يفترض أن يقدم الموقع الرسمى له تلال من المعلومات عن الشاعر العظيم، خاصة أن المتحف يعتبر واحداً من أهم المتاحف الموجودة فى مصر على الإطلاق، فقد عاصر مجموعة من ألمع نجوم الفن والأدب فى القرن العشرين، ففيه أُقيمت الحفلات والسهرات والليالى الغنائية والشعرية والتى شارك فيها كوكبة من نجوم الأدب والشعر والمسرح والموسيقى والغناء فى العصر القديم. 5ــ متحف الشمع الموقع الرسمى لمتحف الشمع مثل غيره من المتاحف “غير متاح حاليا”، ولا يعمل بالرغم من أنه لابد أن يوفر صور المقتنيات النادرة الذى يحوى عليها المتحف والتى تروى مراحل تطور التاريخ المصرى، خاصة بعد أن قام المتخصصين باختياره فى المركز الثانى لأشهر المتاحف الشمعية فى العالم. إذا نقرت على زر الدخول إلى الموقع الرسمى لمتحف الخزف الإسلامى فسوف تجد اختيار اللغة : أما العربية أو الإنجليزية أو الفرنسية، ولن تجد فى الـ 3 لغات أكثر من فقرات “فقيرة” تتضمن : فكرة تأسيس متحف الخزف الإسلامى ثم قاعات المتحف وهى قاعة الطراز التركى وقاعة الطراز المصرى وقاعة الأمير وقاعة الفاطمى والدور العلوى، ثم كيفية الوصول إلى المتحف والتى تتضمن رقم الهاتف والعنوان. أما إذا حاولت الدخول إلى الموقع الرسمى لمتحف طه حسين، فسوف تجد رسالة ترحيبية تبلغك بأن الموقع “معطل”. إذا تجولت فى الموقع الرسمى لمتحف قصر عابدين سوف تجده مقسما إلى 5 متاحف وهى متحف الأسلحة ومتحف الأوسمة والنياشين ومتحف الفضيات ومتحف الوثائق التاريخية ومتحف هدايا رئاسة الجمهورية، ولا يحوى كل منهم سوى على معلومات بدائية رقيقة لن تجدى ولا تنفع فى شيء. إذا حاولت أن تبحث فى تاريخ متحف الفن الإسلامى فهو بالطبع أكبر متحف إسلامى موجود فى العالم، لما يحتويه من مجموعة تحف إسلامية نادرة مصنوعة من الزجاج والجص والخشب والمعادن والخزف والزجاج والمنسوجات والبلور، من شتى البلاد الإسلامية فى جميع عصورها، ولكن إذا أردت زيارة المتحف لمشاهدة مقتنياته النادرة فاللأسف لن تستطيع، نتيجة الحادث الإرهابى الذى استهدف مديرية أمن القاهرة المقابلة له يناير 2014، مما أدى إلى غلق المتحف لحين الإنتهاء من أعمال الترميم التى تجرى به، بعد تلف أكثر من 50 قطعة أثرية نادرة بالإضافة إلى تدمير الأثاثات والحوائط، وحتى إذا حاولت زيارة الموقع الرسمى الخاص بالمتحف أيضاً، لإلقاء نظرة على صور المقتنيات النادرة التى كان يحتوى عليها، فالأسف أيضاً لن تستطيع، فليس هناك موقع إلكترونى للمتحف. أما إذا بحثت عن الموقع الرسمى للمتحف القبطى فلن تجد له موقعًا من الأساس فهو غير موجود بالخدمة، فهذه هى نماذج بسيطة لمجموعة من المواقع الرسمية لبعض المتاحف المصرية، والتى من خلالها نرتكب جريمة فى حق تاريخنا ونظلمه، ونمنعه من فرصة الظهر للنور خاصة أمام الثقافات الأجنبية. فمن خلال هذه المواقع نستطيع أن ننعش ذاكرة الأمة لنحيا معها ما سقط منها عفواً أو عمدا عن أصول التاريخ، ولذلك ينبغى أن نعيد صياغة هيكلة هذه المواقع كلياً، حتى إذا قمت بجولة بسيطة إلى موقع المتحف، تجد كل ما يسرك ويهنيك، فموقع المتحف لابد أن يكون مزودا بكل التفاصيل التى ربما يحتاج إليها أى زائر يتطلع إلى زيارة المتحف.